الاثنين، 6 فبراير 2012

الراعي الذي يرعى نفسه !


« وَيْلٌ لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ يُهْلِكُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي، يَقُولُ الرَّبُّ. 2 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ ... عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَأَنَا أَجْمَعُ بَقِيَّةَ غَنَمِي مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهَا إِلَيْهَا، وَأَرُدُّهَا إِلَى مَرَابِضِهَا فَتُثْمِرُ وَتَكْثُرُ ... «هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا" (ارميا 23: 1- 6)
نعم الكلمات هنا لها بُعد نبوي خاص بإسرائيل وبالتأكيد لها بُعد آخر خاص بنا وبكنائسنا اليوم وبالكثيرين من الذين نراهم قد تحولوا بالرعاية المسيحية من الراعي الذي يبذل نفسه عن الخراف إالى الراعي الذي يصنع لنفسه كرسي عرش في الكنيسة ويمسك بصولجان الملك ويبدد رعية الله ويطرد ويهلك ويذبح غنم رعية المسيح ...
لكي لا يفهم القارئ أننا نمس الرعاة الحقيقين ونتعرَّض لهم بالسؤ، نقول نحن كمؤمنين لابد أن نساند الكنيسة والرعاة الحقيقيين المتشبهين بالراعي الصالح، وعلينا أن نساند كل راعي يحتاج سند من أي نوع معنوي أو روحي أو مادي، لكن الرعاة الذين يرعوا أنفسهم ويذبحوا ويطردوا غنم رعية المسيح، يجب علينا كمؤمنين منقادين بروح المسيح أن نقول لهم ما قاله يسوع نفسه لأمثالهم: "بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ" ! (لوقا 19: 46)
يجب أن تتطهر كنيسة الله من أعمال الظلمة ومن الذين في مكان القادة وهم حجر عثرة وصخرة صدمة للبسطاء من المؤمنين وعلى كل مؤمن حقيقي أن يواجههم بصراحة وصدق وإخلاص وبأسلوب مسيحي، وهذا المقال في طريق هذه المواجهة مع القادة الكنسيين أصحاب الحكمة ال "أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ" (يعقوب 3: 15).
من هؤلاء الرعاة راعي كُسرت رِجل واحدة من رعيتة ووضعت في "الجبس"، وطلب زوجها منه أن يأت ليصلي في البيت لأنها لن تقدر أن تحضر الكنيسة لأكثر من شهر فقال: "إحنا متهمناش الموضوعات الاجتماعية دي" !
وغابت هذا السيدة المكسورة عن الكنيسة أكثر من شهر وهي في الجبس وممنوعة بأمر الطبيب أن تضع قدمها على الأرض لأن الكسر كان مضاعف ... لم يزرها الراعي ولم يسأل عنها أحد من الكنيسة ... ولم تكن غيبتها مدة الجبس فقط بل لم تحضر الكنيسة فيما بعد وتم فيها قول الرب لهؤلاء الرعاة "لمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ" !
وغاب زوج هذه السيدة عن الكنيسة مدة خمسة شهور كاملة لم ير فيها عتبة شقته ولم ير الشارع لأنه كان مريض بمرض مزمن ... كان نفس الراعي مشكوراً يتصل به مرات ليوبخه على عدم حضوره اجتماع الأحد صباحا ومساءً والاجتماع العام يوم الأربعاء واجتماع الصلاة يوم الخميس ولم تكن مكالمات الراعي ليساند المريض ولا ليجبِّر كسره ولا ليضمد جراحه بكلمة الرب بل كانت كلماته في التليفون للتوبيخ على عدم حضور الكنيسة كان يزيد المجروح تجريح ويزيد المكسور تكسير ولم يزره أبداً ولم يعرف حتى طريق بيته ولم يفكر حتى في الصلاة معه في التليفون !
وعندما رجع هذا الشخص إلى الكنيسة بعد غيبة طويلة وجد شباب الكنيسة يشكون من الراعي مر الشكوى، فقال أحدهم: "كنت أقود الترنيم في الكنيسة وبعد أن انتهى الاجتماع وجدت الراعي يقول لي: "انت المفروض متقفش ع المنبر مرة تاني". وعندما سألته: "ليه يا خضرة الراعي؟" قال لي: "لاء مش ها قول لك ليه" !!! علماً بأن هذا الشاب صوته جميل في الترنيم وأسرته مؤمنين ويحضروا نفس الكنيسة ويرنم في اجتماعات عامة خارج هذه الكنيسة والجميع يشهد لأخلاقه، ويخدم في اجتماع الشباب بنفس الكنيسة !
وشاب آخر أبوه المؤمن الهادي الذي له سنوات طويلة في الإيمان ومُساند للكنيسة وللراعي، خرج من الكنيسة ولم يعد، عبَّر هذا الشاب عن عدم ارتياحه من الراعي وقال: "يعني الواحد يسيب الكنيسة ؟" !
فما كان مني إلا أن قلت له: "انت لما بتزعل من أخوك أو أبوك في البيت بتسيب البيت وتمشي؟"، قال: "لاء"، قلت: "الكنيسة بيتك لو زعلت من واحد من خواتك أو زعلت من القسيس لا تترك بيتك"
وذات مرة تعامل الراعي باحتقار مع أحد الرعية أمام الناس في احتفال سنوي كانت الكنيسة تمتلئ فيه بالغرباء، وعندما جاء هذا الشخص للراعي يعاتبه بحب كما قال الكتاب، تعامل الراعي معه للمرة الثانية بعدم تقدير وأساء إليه مرة أخرى على انفراد !
وعندما غاب هذا الشخص عن الكنيسة وتدخل أحد أعضاء الكنيسة عند الراعي وقال له: "يا حضرة الراعي يا ريت تزور الأخ فلان عشان هو زعلان منك"، فما كان من الراعي إلا أن رد عليه: "أنا عايز أزوره لكن للأسف مش عارف طريق البيت" !
عذر أقبح من ذنب ! فهذا الأخ الذي لا يعرف الراعي بيته يحضر الكنيسة منذ ثلاثة سنوات وعضو في الكنيسة منذ أكثر من سنة والمسافة بين بيته والكنيسة عشرة دقائق في ميكروباس صغير أجرته ربع جنيه مصرى (خمسة وعشرون قرش فقط لا غير) !
هل يستحق أن يكون راعي من لا يعرف بيوت الرعية ولا يريد أن يعرفها عندما يغيب الواحد منهم خمسة أشهر بسبب المرض ؟! وعندما يتعامل معهم باحتقار ويهمل الضال والمكسور ويجرح العليل وينتحل لنفسه الأعذار الواهية والقبيحة لكي لا يأت بالضال ولا يطلب الطريد ولا يضمد الجريح ولا يجبِّر المكسور ... هل مثل هذا يستحق أن يكون راعي ؟!
وعندما سأله أحد الراعية: "هو الأخ فلان مش بيجي الكنيسة ليه؟"، قال الراعي: "هو مش عضو معانا يعني مش كاتب ورقة عضوية" ! ... علماً بأن هذا الشخص الذي خرج من الكنيسة ولم يعد، له ثلاثة أبناء خدام عاملين في نفس الكنيسة وزوج ابنته عضو في مجلس الكنيسة وهذا الرجل له سنوات يحضر الكنيسة بانتظام ولا يغيب عن الكنيسة !
وعندما سأل نفس الشخص الراعي مرة ثانية عن نفس الغائب : "هو ليه مش بيحضر الكنيسة؟"، قال الراعي بمنتهى الهدؤ: "أنا مش ها اتكلم عليه من وراه" ! ... وكأنه يقول ضمناً إنسي هذا الشخص لأنه أخطأ أخطاء غير مقبولة أخلاقياً وأنا لا أقبله في الكنيسة ولا أريد أن أتكلم عن عيوبة الأخلاقية ! ... مع أن هذا الشخص مشهوداً له من الجميع بالتقوي والإيمان والهدؤ والحكمة ولا يصيح ولا يخاصم ولا يسمع أحد في الشوارع صوته !
وذات مرة اشتاق إلي هذا الغائب بعض أعضاء الكنيسة واتصلوا به تليفونياً يطلبوا أن يزوروه في بيته، فقال بكل أدب وهدؤ: "أرجو ألا تطلبوا مني أن آتي لهذه الكنيسة مرة أخرى" !
ومرة أخرى طلب أحد أعضاء الكنيسة أن يقابل هذا الشخص في الكنيسة فقال له: "لو عايز تشوفني أنا أصلي في كنيسة أخرى ممكن نتقابل هناك وأنا لن أحضر هذه الكنيسة مرة أخرى" !
المهم استمرت الشكوى المُرة من الراعي إلى أن أعلن هو قرب نهاية العام عن جمعية عمومية (اجتماع جميع أعضاء الكنيسة) لاختيار "مجلس كنيسة" جديد (مجلس إدارة الكنيسة)، لأن مدة المجلس الحالي قد انتهت وفوجئنا بأن كل واحد من أعضاء المجلس التسعة المنتهية مدته يرفض رفضاً تاماً أن يرشح نفسه للمجلس مرة ثانية ! وعندما سألناهم لماذا ؟ لم يجرؤ على الإجابة إلا ثلاثة من تسعة وقالوا: "المجلس بياخد قرارات ولا يتم العمل بها لأن الراعي يعمل ما يريد والمجلس لا فائدة منه ولا عمل له وقراراته لا يتم العمل بها" !
وفي نهاية جلسة الجمعية العمومية قرر السيد الراعي (رئيس الجلسة ورئيس مجلس الكنيسة والذي يرى نفسه ويراه البعض أنه رأس الكنيسة) قرر أن يؤجل الجلسة العمومية واختيار أعضاء المجلس الجديد إلى أجل غير مسمى، وذلك لأنه ترشيح أحد نفسه ... !
وكانت جلسة مُرة قالت له سيدة فاضلة عضوة بالكنيسة وأسرتها خدام بنفس الكنيسة زوجها وابنها وابنتها، قالت له: "بلاش تزعلهم يا حضرة الراعي" !
لكن الراعي الذي لا يراعي أحد إلا نفسه، لا يهمه يزعلوا يتركوا الكنيسة أو يتركوا الخدمة أو يرتدوا عن الإيمان المهم أنا وبعدي الطوفان !
ومر شهرين ولا يوجد مجلس وقد يمر سنتين ولا يوجد مجلس لأن الراعي لا يريد مجلس ... ولأن الراعي لا يجرؤ أن يقول أنا لا أريد مجلس كنيسة ولا لزوم له لأني أنا مدير ورأس الكنيسة وأنا ممثل الله على الأرض !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق